مسيحيو الأراضي المقدسة يجددون إيمانهم في عيد القيامة في خضم الجائحة
16 April 2020
خلال الفصح في القدس، كان طريق الآلام، آخر طريق سلكها السيد المسيح قبل صلبه، مهجوراً خلال أسبوع الآلام المقدس، ولكن الاحتفال الشهير بالنور المقدس بقيامة يسوع المسيح لن يتم افتراضياً على غرار العديد من قداسات الكنائس خلال عيد الفصح.
تعج القدس في العادة بالجموع والاحتفالات خلال أسبوعي الاحتفال بعيد الفصح بالتقويم الغربي والأرثوذكسي. ولكن كانت المدينة هادئة ومهجورة خلال أحد الشعانين وأسبوع الآلام بسبب القيود المفروضة في إطار مواجهة فيروس كورونا المستجد القاتل.
وتخضع التجمعات الدينية للأديان الإبراهيمية الثلاثة – المسيحية واليهودية والإسلام – لقيود صارمة، وأُغلقت المحلات في المدينة المكتظة التي صُلب فيها السيد المسيح وأُقيم من الأموات.
ويعرف موسى إيميل الجرجوعي، رئيس الاتحاد الأرثوذكسي العربي بالقدس، وقائد الكشافة، كيف يبحر في متاهات الصعوبات، حتى عندما يُفرَض التباعد الاجتماعي عالمياً بسبب جائحة كوفيد-19.
تعج القدس في العادة بالجموع خلال عيد الفصح. في الصورة مسيرة أحد الشعانين من جبل الزيتون في عام 2019، وهي من المواكب التي يضطلع فيها الكشافة في العادة بدور فعال.
وقال عبر الهاتف: "نواجه، نحن المسيحيون، كل عام عقبات تحول دون احتفالنا بعيد الفصح بسبب الاحتلال الإسرائيلي وعمليات الإغلاق في الضفة الغربية والقيود المفروضة على المسيحيين الذين يودون دخول القدس، لا سيما للاحتفال بالنور المقدس". وتستعد الكنائس الأعضاء، التي تنتمي إلى بطريركية القدس، إلى الاحتفال بعيد الفصح، وهو مناسبة استثنائية لفرق الكشافة التي يقودها على الرغم من الفيروس الذي يضرب القدس بشدة.
لا يزال شباب الكشافة يقومون بواجباتهم
قال الجرجوعي، الذي يدير في العادة شركة سياحية أُغلقت حالياً بسبب الجائحة: "نواجه هذا العام تحدياً أكبر بكثير وهو فيروس كورونا المستجد. ولكن علينا أن نبذل قصارى جهدنا لدخول المدينة وأن نضمن أن يتجول شباب الكشافة فيها لإضفاء السعادة والبهجة على حياة المسيحيين الذين يعيشون في القدس".
وقال إن المسيحيين سينسقون مع الكنيسة يوم الأحد للحصول على النور المقدس ومحاولة توزيعه من قبل 10 أو 15 عضواً من الكشافة في العشرينات من أعمارهم والقادرين على قيادة السيارات لمحاولة توزيع النور المقدس.
وقال الجرجوعي: "لن يغامر الناس بالخروج من منازلهم وسيكتفون بالاحتفال بعيد الفصح مع أسرهم عوض مشاهدة الموكب الملون الذي تشارك فيه الكشافة. لذا سنوصله إلى منازل المسيحيين".
"نحاول قدر الإمكان أن نوصل النور المقدس إلى منازلهم في إطار مسؤوليتنا الاجتماعية. هذا يوم هام للغاية لنا، نحن مسيحيو القدس. إنه تقليد عريق أن يوصل الناس النار المقدس إلى منازلهم".
وقال الجرجوعي: "ستساعد الكشافة، باستخدام الفوانيس، على التواصل مع الأسر التي تضع رموز النار أمام المنازل مع احترام التباعد الاجتماعي".
فندق الكريسماس خلال عيد الفصح
الجرجوعي هو مالك شريك لفندق كريسماس في القدس، الذي لن يستقبل أي سائح خلال عيد الفصح هذا العام. ولكنه سيستقبل العاملين في المجال الطبي، إذ يأتي العديد منهم من الضفة الغربية للعمل في القدس ويتعذر عليهم التنقل ذهاباً وإياباً إلى الجانب الإسرائيلي.
وأعرب الأب إبراهيم شومَلي من بطريركية للاتين عن أسفه لأن هذا العام لن يشهد الجموع التي اعتادت أن تحتشد في كنيسة القيامة والكشافة التي كانت تضفي ألواناً مبهجة على الكنيسة التي يُعتقد أن يسوع المسيح مدفون فيها.
شخص يصور قداس الفصح الذي نظمته بطريركية للاتين في كنيسة القيامة في نيسان/ أبريل 2019.
قال شومَلي، الذي وضح إن ستة من رجال الدين فقط سُمح لهم بالدخول إلى الكنيسة التاريخية: "نحن نبث القداس على شبكة الإنترنت وعلى التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي".
ويرى رافي غطاس، الأمين العام لشبيبة موطن المسيح في فلسطين، وهي أمانة عامة تضم شباباً من المسيحيين الكاثوليك، أن ما يعيشه المسيحيون اليوم في الأراضي المقدسة هو نفس ما كان أتباع المسيح يعيشونه منذ 2000 عام.
وقال الطالب ذي الـ22 ربيعاً المتخرج حديثاً والحاصل على شهادة في الإعلام: "نتذكر كمسيحيين أن أتباع المسيح كانوا خائفين بشدة، حتى بعد قيام المسيح. نحن نعيش الأمر نفسه الآن؛ فالكل خائف ويصلي في بيته. كما في السابق تماماً، نحن ننتظر قدوم الروح المقدسة إلى هذه الأرض حتى تنتهي جائحة فيروس كورونا المستجد وتنتهي كل الأمور التي تخيفنا، لكي نتمكن من مواصلة حياتنا وإيماننا".
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الصلاة
تستخدم مجموعته الشبابية مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التواصل فيما بينهم، للصلاة وللاضطلاع بكافة أنشطتهم، باستخدام فيس بوك وإنستغرام وسناب شات.
ويقول غطاس: "إن أهم ما في هذه الفترة هو أن نعيد التفكير في حياتنا. هل نتحلى بالقوة الكافية؟ أم هل نحن مجرد كائنات صغيرة في هذا الكون؟ وما الذي علينا القيام به في سياساتنا؟"
وقال القس ساني إبراهيم عازار، من الكنيسة اللوثرية الإنجيلية في الأردن والأرض المقدسة، بمناسبة عيد الفصح، إننا، في خضم الأزمة الصحية العالمية كوفيد-19، "دخلنا من جديد قبر المسيح".
وأضاف: "لا زلنا جالسين، ننتظر، ونشاهد ما يخبئه الرب لنا. نحن نثق، كالعادة، في أن المحبة أقوى من الكراهية، وأن النور أقوى من الظلمات، وأن الحياة أقوى من الموت".
وأشار 13 من البطاركة ورؤساء كنائس القدس، في رسائلهم بمناسبة عيد الفصح، إلى أن العالم تعمه الخشية والقلق والغموض بسبب الجائحة، وتعاني العديد من البلدان من الفقد والحزن العميق، ويتزايد عدد الإصابات بالعدوى يوماً بعد يوم.
ومع ذلك، "لا يزال عيد القيامة مناسبة لتجديد الأمل والانتصار على جميع أشكال الموت والدمار".
ويقول قادة الكنائس: "نحن نؤمن أن إلهنا هو إله الأحياء، لا الأموات. إن القيامة هي مصدر اطمئناننا بأن الله موجود على الرغم من الموت والمعاناة، وموت المسيح يعطينا الغلبة".
الصفحة الرئيسة لمجلس الكنائس العالمي: مواجهة فيروس كورونا المستجد